الصلاة شعار الايمان
( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * اُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ( (الانفال/3-4)
ان الايمان هو الذي يتجلى في القلب وجلا، وفي العقل يقينا ، وفي العمل توكلا، وفي السلوك صلاة، وفي الاقتصاد انفاقاً، واذا تأملنا هذه الصفات في فاتحة سورة الانفال، لوجدناها توصل بين الايمان، وبين حقائقه التي تتجلى في الواقع، والتي تخرجنا من ظلمات الذات الى نور الحق ( معرفة الله، وذكره، وآياته، واحكامه) وهكذا يتجلى الايمان في التوكل على الله، والصلاة لله، والانفاق على عباد الله .
ولكن بم تستكمل حقائق الايمان؟ أليس بالصلاة؟
لنستمع الى رسول الله صلى الله عليه وآله حيث يقول: "من اسبغ وضوءه، وأحسن صلاته ، وادى زكاته، وكف غضبه، وسجن لسانه، واستغفر لذنبه ، وادى النصيحة لاهل بيت نبيه، فقد استكمل حقائق الايمان، وابواب الجنة مفتحة له". (1)
والصلاة، هي الصلة بين قلب العبد ونور الله، وهي معراج المؤمن الى عرش الله. و (لـو
يعلم المصلي ما يغشاه من جلال الله، ما سره ان يرفع رأسه من السجود) (2) كما يقول امير المؤمنين عليه السلام .
وهي رمز تعبد الانسان لله، وتسليمه لامره في كافة حقول حياته .
ولذلك فان الصلاة اول ما ينظر من عمل العبد ، فقد روي عن علي عليه السلام قول رسول الله صلى الله عليه وآله: ان عمود الدين الصلاة، وهي أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم، فان صحت نظر في عمله، وان لم تصح لم ينظر في بقية عمله. (3)
وهي اطار ذكر الله الذي هو اكبر، ولغة الخطاب المباشر بينه وبين الله، وهي - بكلمة- عمود الدين ، ومحور احكامه، ولحظة الشهادة بالحق، وشعار القيام بالقسط .
قال ابو جعفر عليه السلام: "الصلاة عمود الديـن، ومثلها كمثل عمود الفسطاط ، إذا ثبت العمـود ثبتت الاوتـاد والاطناب، واذا مال العمود وانكسر لم يثبت وتد ولا طنب". (4)
واقامة الصلاة رمز مدنية الايمان ، حيث قال ربنا سبحانـه: (وَأَوْحَيْنَآ إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ( (يونس/87(
وهكذا يبشر الله المؤمنين لصلاتهم وعبادتهم فقد روي عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: "للمصلي ثلاث خصال: اذا قام في صلاته يتناثر عليه البر من اعنان السماء الى مفرق رأسه، وتحف به الملائكة من تحت قدميه الى اعنان السماء، وملك ينادي: أيها المصلي لو تعلم من تناجي ما انفتلت". (1)
[/size]